من أجل نظام صحي ناجع وأكثر عدلا

الرهانات: 

اختارت تونس منذ استقلالها سياسة الصحة للجميع. في مقدمة الدستور لسنة 1959 ذكر الحق الشرعي للصحة بالصيغة التالية ” يشكل النظام الجمهوري الوسيلة الأكثر نجاعة لتأمين حماية العائلة وحق المواطنين في العمل والصحة والتكوين …”. مما مكن من وضع سياسات صحة وطنية تهدف أساسا إلى تحسين صحة الأمومة والطفولة المبكرة. أسس النظام الصحي في البداية على تقديم العلاج العمومي والذي شكل منذ الاستقلال العمود الفقري للرعاية الطبية في تونس. تشمل هذه الخدمات الصحية العمومية أساسا خدمات الصحة الأساسية الأولية والطب الوقائي والعلاجات اللإستشفائية. لكل مواطن الحق بالتمتع بخدمات كل هياكل الصحة العمومية مهما كان دخله.

عرفت تونس دون أدنى شك بعض النتائج الإيجابية في مجال الصحة، ولكن غالبا ما كانت هذه النتائج تخفي فوارق مهمة بين مختلف الجهات والطبقات الاجتماعية. في الواقع لم يكن العلاج متاح للجميع. يمكن ظهور العديد من القيود لتشكل عائقا أمام تقديم الخدمات الصحية لا سيما مشاكل تقديم وتمويل العلاج. في الواقع يشكل التحمل الفردي للنفقات الصحية على المدى الطويل حدا لاستمرار المنظومة الصحية ويزيد من فقر المواطن

بعض النتائج الملحوظة في السنوات الأخيرة كما يلي:

• نقص الموارد المالية وزيادة في النفقات. يتم احتساب ميزانيات المؤسسات العمومية على معطيات تاريخية بدون اعتماد الأنشطة والفاعلية. إجراءات الشراء من طرف الصندوق الوطني للتأمين على المرض لفائدة مختلف هياكل العلاج العمومي والخاص يتم خلاصها بطريقة تفاضلية بحسب نوع الهيكل على الرغم من وجود سقف للفوترة التي تقدها المستشفيات لهذا الصندوق ودون سقف لهياكل العلاج في القطاع الخاص. لا توجد علاقة بين التكلفة الفعلية للعلاج للمنخرطين في الصندوق الوطني للتأمين على المرض والمصاريف المتحملة من طرف الهياكل العمومية.

• لا تستجيب بالضرورة الانتدابات والتعيين المركزي لأعوان الصحة لحاجيات مختلف المؤسسات الصحية.

• سوء التصرف في مخزون الأدوية وصيانة معدات المستشفيات.

• نقص في المرونة مع عبء الإجراءات لشراء تجهيزات المستشفيات التي لا تستجيب بصفة مناسبة للاحتياجات.

• نقص مساءلة أعوان التأطير وغياب التحفيز على الجودة.

رؤية آفاق تونس:

يضع آفاق تونس المواطن في قلب نظام الصحّة بالتزامه تأمين حق التمتع بعلاج مرموق من دون أن ينجر عنه تكاليف غير محسوبة العواقب.

لتحقيق ذلك ترى أفاق تونس ضرورة الإصلاح الشامل للصحة. يتطلب ذلك رسم خارطة صحية تِمن للمواطن النفاذ للعلاج صحية ذات جودة وبطريقة عادلة وعقلانية.

ضرورة الترفيع في الموارد المخصصة للصحة والتي تتمثل في الترفيع في النفقات العمومية للصحة وميزانية وزارة الصحة.

بالتوازي مع دعم القطاع العام حيث يمثل المنتفعون به 75% من السكان. آفاق تونس تنوي تعصير مجمل حلقات العلاج عن طريق مجهود قوي لتحسين التكوين وتركيز منظومة اعتماد للهياكل العمومية والخاصة ورقمنة مجمل الأطراف الفاعلة من مسدي خدمات علاج طبي وشبه طبي إلى مسالك توزيع الأدوية وصناديق الضمان على المرض.

ستسمح هذه الإجراءات بترشيد مصاريف الصحة وتحسين التصرف في الموارد المتاحة مع ضمان أثر إيجابي على نوعية الخدمة المقدمة للمريض وظروف عمل أعون الصحة. تولي آفاق تونس أهمية أساسية لدعم تعليم التخصصات الطبية وشبه الطبية والبحث في مجال الطب والصيدلة والبيوتكنولوجيا والتي تعتبر من عناصر تطوير نظام الصحة.

ستثمن آفاق تونس النظام الأساسي لسلك المدرسين وتضمن لهم الظروف المثلى للقيام بمهامهم. نؤمن أن جودة ونضج النظام الصحي التونسي يسمح له بحشد موارد إضافية للصحة بتطوير علاقات شراكة على المستوى الدولي لا سيما عن طريق تصدير الخدمات الصحية وتطبيق التعاون المؤسساتي بين البلدان الشريكة.

10 برامج رئيسية:

1. تحسين النفاذ لخدمات العلاج:

مراجعة الخارطة الصحية لتونس تفرض نفسها لتمكين المريض من النفاذ العادل للعلاج. ستسعى آفاق تونس لبعث أقطاب إمتياز جهوية للصحة مهيكلة عنقوديا هدفها دعم طب الخط الأول (مركز صحة أساسية) وتجهيز المستشفيات الجهوية  بمنصات تقنية مناسبة تعمل على تثبيت أطباء الإختصاص. ستسمح هذه الإجراءات بتخفيف العبء على المستشفيات الجامعية للتتمكن من تأمين مهامها في المستويات الرفيعة للعلاج إضافة للقيام بالتدريس والبحث. ستسهل الرقمنة وبرامج التطبيب عن بعد وتطور النقل الطبي وانفتاح القطاع العام على القطاع الخاص في تسيير أقطاب الإمتياز. تنظيم هياكل العلاج من الصحة الأساسية إلى مراكز الإستشفاء الجامعية يجب أن يخضع للتعريف الجديد لمسار العلاج ووضع مراجع معيارية للوظائف وحسن التصرف في تحمل المريض. ترشيد الموارد وحركية أكبر وترابط هياكل العلاج (شبكة وحدات علاج متنقلة وتوفر عربات لنقل المرضى والأعوان). وأخير يجب على المستشفيات العمل كامل النهار.

2. الإعلامية وجمع البيانات:

تولي آفاق تونس أولوية للتحول الرقمي في قطاع الصحة والذي يمثل بدوره تحدي كبير. ستشمل كل هياكل الصحة العمومية والخاصة وتساهم في تأمين تركيز نظام تتبع عصري وفعال. ستسمح رقمنة مسار المريض وملفه الطبي بتتبع أفضل لحالته الصحية ومستلزمات علاجه. كما ستمكن الرقمنة من تحديد نفقات الصحة وتقدير نوعية الخدمات وربط هياكلها متفادية بذلك مختلف أشكال التبذير.

3. التعليم والتكوين:

الإسراع في إعادة تنظيم التعليم في قطاع الصحة وتحسين جاذبية القطاع العام. تعمل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الصحة على المشاركة في إعداد مسار جامعي يرتكز على الإسهام النشط للطالب مع الأخذ بالإعتيار متطلبات الوظيفة المستهدفة. سيتم تركيز مؤشرات متابعة التكوين على المدى القريب والمتوسط والبعيد بحيث تضمن تعليم في مستوى معايير دولية وتربصات تنسجم مع الحياة المهنية المرتقبة. سيمر تحسين جاذبية القطاع العام بالضرورة بمراجعة الرواتب والعقود وظروف العمل وخصوصا في الجهات. ما يقودنا إلى تثمين أطباء الصحة العمومية وتكييف النشاط الإضافي الخاص (APC) بحيث يتمكن الأطباء الجدد من التفرغ كليا في الدور المناط بهم للتكوين والبحث. ضرورة إعطاء المكانة التي تستحقها مهمة التدريس والتأطير.

4. إصلاح الصندوق الوطني للتأمين على المرض(CNAM):

من أوليات آفاق تونس إصلاح الصندوق الوطني للتأمين على المرض. يتوجب على الصندوق الوطني للتأمين على المرض التركيز على دوره في تمويل وتسوية خدمات العلاج. تعزيز الإعلامية وتبسيط الإجراءات سييسران النفاذ للعلاج لكل المواطنين بكل فئاتهم الاجتماعية. ستتم مراقبة خاصة لمالية الصندوق الوطني للتأمين على المرض وسيتم التصرف بشأنها بحزم.

5. تصدير خدمات العلاج والأدوية:

اهتمام خاص سيولى لتصدير خدمات العلاج. سيتم بعث منصة إعلامية وطنية لتأمين حسن التصرف في المصالح المعنية بالعلاج والتي ستكون الرابط بين طالبي العلاج في الخارج ومسدي خدمات العلاج.

سيتم توفير الموارد البشرية والمالية لإعتماد أكبر عدد ممكن من الهياكل العمومية والخاصة. كما أن قطاع الصيدلة سيبقى استراتيجي وذو أولوية بالنسبة لآفاق تونس. سيتم تشجيع ومرافقة تصدير الأدوية المصنوعة في تونس بتأهيل هياكل التصنيع والتوزيع.

6.الوقاية:

ستسعى آفاق تونس إلى تثمين برامج الوقاية والاكتشاف المبكر للأمراض المزمنة والأمراض المعدية وبعض الظواهر مثل التدخين والسمنة وكل تبعات شيخوخة السكان.

في هذا الإطار يتوجب على الهياكل شبه العمومية مثل مصحات الصندوق الوطني للتأمين على المرض والمؤسسات العمومية الكبرى تكريس نشاطها على طب الشغل حصريا. سيتم دعم الصحة المدرسية مع اهتمام خاص للكشف المبكر للمشاكل النفسية الكامنة ومتابعة طبية وشبه طبية للشباب الذين يواجهون صعوبات مدرسية.

كما ستحظي السمنة باعتبارها ظاهرة وطنية تؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة باهتمام خاص ضمن برنامج الوقاية من أمراض القلب والشرايين والتي ستسعى آفاق تونس إلى اعتماده في أقصر الآجال. سيتم وبكل الوسائل الممكنة التشجيع على الأنشطة الرياضية المنتظمة منذ الطفولة (تهيئة عامة للتوقيت المدرسي والجامعي وضع آليات متنوعة للتسجيل في النوادي الرياضية …).

7. الهيئة الوطنية للتقييم والاعتماد في الصحة  INEAS:

والتي يتوجب دعم دورها. يجب انطلاق عمل هذه الهيئة الوطنية وتكون مهمتها الأساسية اعتماد مؤسسات الصحة  على قاعدة كراس شروط والذي يعتمد معايير تنظيمية وتجهيزات وتصرف في وحدات العلاج قابلة للتطبيق على مجمل الهياكل العمومية والخاصة. وسيسمح هذا التمشي أيضا بتجميع مجمل النصوص القانونية المتعلقة بأنشطة العلاج ضمن “مجلة الصحة” لتمكن من انسجام تدخل كل مسدي خدمات العلاج وضبط “علامة جودة” في ميدان الصحة. هذا ما سيشجع جمعيات المرضى للمساهمة في هذا المشروع. كما تدعو آفاق تونس إلى بعث سلطة وطنية طبية تتعاون مع مختلف العمادات لأجل احترام وتأمين الأخلاقيات والأعراف في الممارسة الطبية.

8. تغطية طبية عالمية (CMU):

ستباشر آفاق تونس لتطبيق التغطية الطبية العالمية. لا تعني هده التغطية العلاج المجاني للجميع بل تعطي الإمكانية للمضمون اختيار العلاج في القطاع العمومي أو الخاص حسب رغبته. في هذا الإطار يتم استرجاع المصاريف للمأمن على قاعدة سلم استرجاع المصاريف المطبق بنفس الطريقة في القطاع العمومي والقطاع الخاص. يستند سلم استرجاع المصاريف على التكلفة الفعلية للخدمات المقدمة في القطاع العام.

9. تمويل الصحة:

تلتزم آفاق تونس بإجراء استشارة وطنية تهدف إلى تحديد الحاجيات الحقيقية لتمويل الصحة في تونس والأجوبة المرافقة. يجب تمتيع مراكز الاستشفاء الجامعي باعتبارها مراكز تميز يأكبر قدر من الإستقلالية المالية في إطار عقود/برامج مسطر على مستوى وزارة الصحة. يمكن للتطور العنقودي على المستوى الجهوي أن يسير بواسطة هذه المراكز الاستشفائية الجامعية. يجدر العمل على وضع قوانين تنظم الصفقات العمومية لمنتجات الصحة لضمان التصرف الأمثل للمال العام والتحكم في النفقات.

10. التكامل عمومي/خاص:

من المؤمل إيجاد أكبر قدر من التكامل بين القطاعين العمومي والخاص، كإنشاء مسلك بين القطاع العمومي والقطاع الخاص (تفرغ عرضي لأطباء المهن الحرة في صلب الهياكل العمومية، الاستغلال الأمثل للمنصات التقنية عند الخواص في بعض الجهات…). سيرافق إمكانية هذا التكامل تأهيل هياكل الصحة العمومية.