من أجل صناعة وخدمات مشتركة متنافسة ومندمجة في سلاسل القيمة

الرهانات:

أصبحت صناعتنا في تنوع متزايد، ولكن بعض قطاعاتها المهمة قد تأثرت في السنوات الأخيرة بحركات اجتماعية خطيرة (خاصة الصناعات الكيماوية والبترولية) دون تدخل الدولة بشكل فعال. بالإضافة إلى ذلك، كان للاستيراد الفوضوي (المنسوجات والمنتجات الغذائية الزراعية وما إلى ذلك) تأثير سلبي على النسيج الصناعي التونسي. لحسن الحظ، فإن الصناعات الميكانيكية والكهربائية وتطوير تكنولوجيا المعلومات تواصل في تنمية صادراتنا الوطنية.

سمحت الخطط والبرامج المتخذة لتشجيع المبادرة الخاصة وإنشاء المؤسسات، بنمو الاستثمارات الخاصة التي بلغت 61٪ من حجم الاستثمار العالمي في عام 2010 وزيادة ملحوظة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI). في القطاعات المبتكرة والواعدة بما في ذلك قطع السيارات والطيران وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مع تركيز العديد من الشركات متعددة الجنسيات في المناطق الداخلية. ومع ذلك، في ظل غياب إدارة شفافة فيما يتعلق بنظام الاستيراد، فإن الاستثمار الخاص لم يخضع أبدًا لمنافسة حقيقية. يمثل ضعف الحوكمة وانتشار الفساد والممارسات التي تتعارض مع مبادئ المنافسة العادلة، مخاطر هيكلية للاستثمار الخاص. يعد نقص البنية التحتية وخاصة الخدمات اللوجستية عقبة رئيسية أمام تنمية استثمارات القطاع الخاص، بالإضافة إلى تعقيد وتعدد قضايا الأراضي. نتيجة لذلك، تباطؤ في وتيرة إنشاء مشاريع جديدة في مناطق مختلفة من البلاد. فيما يتعلق بالتمويل، تتمثل المشكلات الرئيسية التي تواجهنا في صعوبة الوصول إلى التمويل المصرفي، وضعف استخدام التمويل المباشر من خلال شركات رأس المال الاستثماري أو الصناديق أو من خلال

السوق المالية، وكذلك عدم تكافؤ المنتجات المالية لقطاع التمويلات الصغرى مع احتياجات السوق. يعاني القطاع الصناعي من عدة نقاط ضعف مرتبطة بـ:

– البطء الإداري وعدم شفافية المعاليم الديوانية، وكذلك غموض اللوائح والمعايير الفنية

– تشدد تشريعات العمل وعدم التوافق بين التعليم الجامعي واحتياجات سوق الشغل

– نقص التمويل والتشجيع

– القيود اللوجستية

رؤية آفاق تونس:

يدعو حزب آفاق تونس إلى تحويل الصّناعة التونسيّة إلى أحد محرّكات النموّ الاقتصادي التونسي. وقصد إدراك هذا الهدف، يكون من الضروري النهوض بصناعة موجّهة كليا نحو الابتكار ونحو الأنشطة ذات القيمة المضافة العالية، كشرط ضروري للاستجابة إلى تحديات خلق الثروة وتشغيل العاطلين من أصحاب الشهادات.

ومن ناحية أخرى، ينبغي على الصّناعة التونسيّة أن ترتبط بشدّة بأنشطة خدمات مقترنة بها. فهذه الخدمات تمثل إمّا دعامة لهذه الصّناعة (ذاك هو وضع قطاع الاتصالات مثلا)، وإمّا أنشطة منتجة

تتدخل بصفة مكمّلة (مثال الهندسة) أو بصفة مستقلّة (مثال خدمات الإعلاميّة) بالنسبة إلى الصّناعة.

يعد إنشاء بنية أساسية حديثة وفقًا للمعايير الدولية أحد العناصر لتحسين القدرة التنافسية للشركات والمؤسسات لإكتساح  الأسواق الخارجية . هذا يمثل  عامل أساسي للاستثمار الذي يأخذ في عين الاعتبار المناطق الصناعية وصلتها بشبكات الطرق والسكك الحديدية وشبكة الاتصالات عالية السرعة ، وربطها بالمطارات والموانئ البحرية ، ودمجها في بيئتها وتوفير الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والغاز.

أفاق تونس ستقوم بإزالة جميع العقبات التي تعترض الشركات المحلية لاختراق الأسواق الخارجية التي تستمر فيها السوق الإفريقية بالنمو.  وأيضًا الاستقرار في الخارج واستغلال الفرص والمزايا النسبية التي تتمتع بها تونس فيما يتعلق بتصدير الخدمات والمهارات للاندماج في الدورة الاقتصادية العالمية.

تنويع الشركاء الاقتصاديين وتوسيع الأسواق المستهدفة من خلال الانتقال إلى أسواق جديدة مع آفاق واعدة للتنمية وإمكانات الاستثمار   في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. مما يؤدي إلى تطور التمثيل الدبلوماسي والمالي والعلاقة اللوجستية مع هذه الدول. هذا التنوع يمر بأولوية تعزيز التكامل الاقتصادي داخل المنطقة المغاربية والتجارة مع البلدان المجاورة من خلال تنفيذ الاتفاقيات التجارية الموقعة في إطار اتحاد المغرب العربي ، و تنشيط التعاون بين مختلف الهياكل الإدارية للجمارك المغاربية وتبادل المعلومات ، بالإضافة إلى تكثيف الجهود لتفعيل المفاوضات حول تطوير المناطق الحدودية التونسية الليبية والتونسية من خلال إنشاء مناطق تجارة حرة وإنشاء مشاريع لجذب الاستثمار الصناعي والخدمي في إطار من المصالح المتبادلة بما يسهم في إرساء الاستقرار والضمان الاجتماعي في المنطقة.

تدعو أفاق تونس إلى:

  • إنشاء منظمة داخل وزارة الصناعة تضمن تحديث اللوائح والمعايير التي ستوضح للصناعة القواعد الواجب اتباعها من أجل حسن سير عملياتها وتقليص من فترة إنجاز المشاريع.
  • هذا الهيكل سيضمن التطبيق الصحيح لهذه القواعد من خلال مكاتب ثانوية تسمح من ناحية بخلق مناخ يسود فيه الثقة بين الإدارة والمؤسسات الصناعية وأخرى تسمح بالمنافسة العادلة بين المتدخلين.
  • يجب أن يكون الخريجون قد تلقوا تدريباً يتوافق مع احتياجات سوق الشغل. هذا عن طريق إشراك الصناعيين في تنفيذ البرامج التدريبية وتشجيع مثل هذه الدورات في الشركات.

 10 برامج رئيسية:

1. تشجيع الابتكار والإبداع من خلال:

  •  أ. إنشاء المنظومة الوطنية للابتكار يعتمد بشكل أساسي على إدارة متماسكة ومتكاملة ، وتعريف دقيق للأهداف والأولويات كما ينبغي إحداث لجنة للابتكار تضمّ، إلى جانب الإدارة المختصة، أهل الخبرة والقطاع الخاصّ والإدارة المركزيّة المكلّفة بالامتيازات الجبائيّة وغير الجبائيّة ويتقاسمه الجميع. . هذه المقاربة من شأنها أن تقلل بشكلٍ كبير من النزاعات المحتملة المتعلقة بالتفسيرات المتباينة للابتكار و تضفي مزيدا من الوضوح والانسجام في التعامل مع هذه المفاهيم والآليات الجديدة.
  • ب. إعادة النظر في سياسات التعليم والتدريب لدعم متطلبات المرحلة المقبلة ، وتعزيز رأس المال البشري وتعزيز الإدارة داخل الشركات من خلال تطوير الروابط بين الشركة ومراكز التدريب ، الجامعات والمؤسسات البحثية وتشجيع البحث العلمي التطبيقي والتدريب الهندسي في القطاعات الواعدة: إنشاء شبكات شراكة قطاعية بين مختبرات البحوث في تونس والخارج كإطار عمل مناسبة لتطوير أنشطة واعدة ومبتكرة.

2. بعث محطّات “الكلوستر” المنتظمة حول الأقطاب التكنولوجية. فالشراكة بين مكونات التكوين والبحث والإنتاج أمر حاسم بالنسبة إلى هجرة القطاعات الصناعيّة والخدميّة نحو أنشطة ذات قيمة مضافة أعلى. ولتدعيم هذه المحطات يدعو حزب آفاق تونس إلى مراجعة مهماتها وحوكمتها وإلى ضبط عقود برامجها بدقة وإلى فصل وظائف تنشيطها عن وظائف التصرّف في التجمعات المهنية للأنشطة المتّصلة. ولدعم مردودية هذه الهياكل الجديدة، استوجبت مراجعة كاملة للجيل الأول من الاقطاب التكنولوجية لتحديد تموقعها في المنظومة الوطنية للابتكار وتحيين المفاهيم التي أسست لمهامها مع التأكيد على دورها المحوري في برامج التنمية الجهوية وأخيرا وجب العمل على التعريف بها محليا وعالميا وفي هذا الصدد يمكن أن يُدعى إلى كلّ قطب تكنولوجي أحد الأسماء البارزة من الصّناعة الدوليّة والقيام بكل ما يسمح بإشعاع القطب التكنولوجي وتثمين قدراته.

3. دفع الدّولة إلى جلب أحد الأسماء و ”الماركات” الكبرى من الصّناعة العالميّة. يوجد اليوم في العالم 1200 صناعيّ كبير. فباستجلاب واحد أو اثنين من هؤلاء الصناعيّين الكبار ستنشئ تونس نسيجا صناعيا مندمجا متكوّنا بالأخصّ من نسيج مناولين وشركاء يرافقون الصناعيّ الكبير عند تمرّكزه في البلاد التونسيّة. بشكل أعم، إنشاء قطاعات اقتصادية متكاملة وعالمية ومستدامة ، لأنها توفر فرصًا لاستغلال أفضل للموارد الطبيعية الوطنية كجزء من رؤية تستند إلى المعالجة الأفقية لهذه الموارد بالإضافة إلى إنشاء ديناميات بين الأنشطة الاقتصادية المختلفة من أجل تعزيز تماسكها وزيادة قدرتها التنافسية ومزاياها النسبية. سيتم تشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي على دمج هذه القطاعات وسيتم تحديد خطة عمل وطنية لهذا الغرض. وستستند الأخيرة إلى تحديد وتعزيز القطاعات الاقتصادية الفعالة حتى تصبح قادرة على المنافسة في الأسواق الدولية وتمكنت من وضع نفسها من خلال منتجات تونسية محددة ومميزة ومبتكرة. سيكون مقياس الإنجازات في هذا المجال من خلال الزيادة في القيمة المضافة لقطاعات التصدير التي بلغت 15 ٪ في عام 2015 لتصل إلى 22 ٪ في عام 2025.

4. تشجيع المؤسسات على استعمال تكنولوجيّات الإعلام والاتصال. يخضع تحسين انتاجيّة المؤسسة ضرورة إلى تنظيم أفضل وإلى ادماج أقوى لمختلف عمليّاتها. ومن بين الإجراءات الداعمة التي ستسمح ببلوغ هذا الهدف ينبغي ذكر تطوير الإدارة العموميّة الإلكترونيّة، وكذلك كلّ الأعمال الهادفة إلى تخفيض تعريفات النفاذ إلى شبكة الانترنت (خاصّة بترفيع المنافسة في صلب قطاع الاتصالات)، وكذلك تأمين سلامة الصفقات الإلكترونيّة (من خلال دعم تصديق الصفقات.(

5. تفعيل سياسة إراديّة لتنمية صناعة خضراء. حزب آفاق تونس مقتنع بأنّ تونس لا يسعها أن تضع برنامجا طموحا للتنمية المستدامة (التحكّم في الطاقة واللجوء إلى الطاقات المتجددة)، إلاّ إذا ما أرفق هذا البرنامج بتطوير صناعة تنتج المكوّنات الضروريّة وتخدم بذلك السوق المحلّيّة ولكن أيضا أسواق التصدير. مع العلم أن الاقتصاد الأخضر والصناعات الخضراء تعد من أكبر المجالات التي جذبت نشاطات البحث العلمي والابتكار. وفي هذه الحالة ستشكّل الشراكة مع عملاق عالميّ في الصّناعة الخضراء عامل دفع كبير.

6. تنوع في أسواق التصدير والارتقاء بمقياس القيمة: العلاقات الاقتصادية لتونس تشكو من ضعف في أسواقها الخارجية ; حجم المبادلات التجارية مع الإتحاد الأوروبي تفوق 80 ٪ من مجموع المبادلات الخارجية لتونس التي تدور خاصةً حول 4 أسواق :  فرنسا ، ألمانيا ، إيطاليا وبلجيكا . ومن المفارقات أنه في حين أن الإنتاج الصناعي كان يعتمد في هذه الاقتصادات على سلاسل القيمة التي تشمل تصميم وتوريد المواد الخام والإنتاج والتسويق ، فإن الصناعة المحلية لم تتمكن من وضع نفسها سلاسل ذات قيمة مضافة مرتفعة وعالية الإنتاجية ، مما أدى إلى ضعف تطوير الأنشطة المتكاملة ، خاصة وأن أنشطة التصدير لم يتم تطويرها على أساس قدرة تنافسية عالية ، ولكن محدودة الاستعانة بمصادر خارجية للأنشطة الصناعية الأوروبية أساسا.

7. تحسين عمل هياكل الدعم والمرافقة وذلك بجعل المؤسسة الصغرى والمتوسّطة وكذلك المؤسسة الصغيرة جدّا في قلب الاستراتيجية الوطنيّة للتنمية. ويقترح في هذا الصدد بعث هيكل وطنيّ مؤهل للتصديق من أجل مرافقة وتوجيه الباعثين، وتركيز المرصد الوطني للمبادرة والابتكار(التجديد) ونشر هياكل الدعم على الصعيد الجهوي وتعميم الشبابيك الموحّدة. كما ينبغي إنشاء وظيفة موفّق المؤسسة بهدف تيسير معاملات المؤسّسة الاقتصادية مع الإدارة العموميّة.

8. تطوير البنية التحتية والدعم اللوجستي وخفض التكاليف كما هو موضح في ورقة عمل البنية التحتية لبرنامج أفاق تونس اللوجستيات والطرق وشبكة السكك الحديدية والموانئ والمطارات.

9. إنشاء مدن صناعية متكاملة ومبتكرة:

  • التي تحتوي ، إلى جانب البنية التحتية الحديثة المذكورة أعلاه ، على جميع الخدمات اللازمة لتسهيل تثبيت مهارات كبار المديرين وأسرهم ، وتشجيع التدريب والبحث العلمي التطبيقي. سيكون للقطاع الخاص دور مركزي في تنفيذ هذا التوجيه في سياق الشراكة مع القطاع العام.
  • الاتصال بخط أنابيب الغاز وتعزيز الطاقة الكهربائية بالإضافة إلى تعزيز شبكة الكهرباء الوطنية (محطات توليد الطاقة الغاز والطاقة المتجددة) ، بالإضافة إلى تعميم التيار الكهربائي ثلاثي المراحل وخاصة في المناطق الريفية.

10. الإنتاجية، مصدر القدرة التنافسية للقطاعات:

  •  يظل تحسينه المصدر الأساسي والمستدام للنمو وخلق الثروة وفرص العمل. أظهرت الدراسات المقارنة لنمو وإنتاجية القوى العاملة الدولية أن البلدان التي تمكنت من تحسين الإنتاجية بشكل أسرع هي تلك التي نجحت في تحقيق ارتفاع نمو اقتصادهم. سيتم بذل الجهود من خلال:
  • تحسين مستوى الإدارة بحيث تنتقل من نموذج النمو القائم على تراكم عوامل الإنتاج إلى نموذج جديد يستند أساسًا إلى تراكم المعرفة.
  • تحفيز الشركات على الابتكار والإبداع من حيث طرق الإنتاج وكذلك تنظيم العمل. سيتم تشجيع الشركات على الاستثمار في المعرفة والتقنيات الجديدة لتحسين أنظمة الإنتاج الخاصة بها وإتقان تقنيات الاتصال الجديدة.