امرأة رائدة لمجتمع مزدهر  

:الرهانات

تواجه المرأة التونسية عديد التحديات القانونية والاجتماعية والاقتصادية والشخصية على الرغم من مكتسباتها التاريخية، وتمتعها بموجب دستور 2014 بحقوق متساوية مع الرجل وعلى الرغم من سن التشريع الخاص بمناهضة العنف ضد المرأة ومن مأسسة النوع الاجتماعي، إذ تظل بعض الممارسات التمييزية العالقة سواء في القانون أو في واقع العلاقات الاجتماعية تحد من الخيارات الاجتماعية والاقتصادية للمرأة وتحول دون ممارستها الكاملة للاختيار والاستقلال الاقتصادي ومن مشاركتها الفاعلة في مواقع القرار وتعمق اختلال التوازن بين دور كل من الرجل والمرأة في ظل التحولات المجتمعية.   إذ أن المرأة التونسية وعلى رغم من تميز مستواها الدراسي والمهني وثقل حجم مسؤوليتها داخل الأسرة وخارجها، فإنها ما زالت عرضة للبطالة والتهميش والاستغلال وضعف الأجور حينا والعنف الجسدي والنفسي وقلة الوعي القانوني والصحي أحيانا كما تعاني من صعوبة الحصول على الخدمات الاجتماعية، والوصول إلى سوق الشغل في ظروف تسمح لها بالإزهار وتحقيق الذات. ويمكن تشخيص الوضع العام للنساء في تونس من خلال المفارقات التالية:

  • نسبة الأمية وصلت إلى19 بالمائة من مجموع السكان، وإلى حدود 41.53 بالمائة في صفوف النساء بالوسط الريفي
  • في نفس الوقت، 42،2 بالمائة من الفتيات يدرسن في المعاهد والجامعات مقابل 23،2 بالمائة من الذكور يصلون إلى مراحل متقدمة من الدراسة (نسبة النجاح العامة للإناث في الدورة الرئيسية للباكالوريا لسنة 2018 63.48 بالمائة، فيما بلغت نسبة الذكور الناجحين 36.52 بالمائة).
  • بنسب متفاوتة اقتحمت المرأة التونسية سوق الشغل فبلغت نسبة القاضيات سنة 2018 48 بالمائة و80 بالمائة من العاملين في قطاع الاعلام، و71 بالمائة في الصيدلة و51 بالمائة من مدرسي التعليم الأساسي و54 بالمائة في الوظيفة العمومية.
  • تمثل المرأة 67 بالمائة من خريجي الجامعات مقابل 26 من النساء من جملة الشغالين (وهي من أدنى النسب عالميا إذ تبلغ 45 مشاركة المراة في سوق الشغل في نيجيريا 45 بالمائة) في حين تبلغ نسبة بطالة حاملات الشهائد العليا بلغت 38،3 بالمائة في الثلاثية الأولى لسنة 2019 مقابل 16.5 بالمائة بالنسبة إلى الذكور.
  • نسبة ارتقاء النساء إلى الخطط الوظيفية لا تتعدى 29،7 بالمائة مقابل 70 بالمائة بالنسبة للرجال
  • نسبة النساء الذين تعرضن للعنف ولو لمرة في حياتهن 47،6 بالمائة من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 18 و64 سنة يتعرضن للعنف ولو مرة في حياتهن، وان العنف المادي والجسدي هو الأكثر شيوعا بنسبة 31،7 يليه العنف المعنوي 28،9 بالمائة ثم العنف الجنسي بنسبة 15،7 بالمائة وأخيرا العنف الاقتصادي بنسبة 7،1 بالمائة

وتتعمق وضعية الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية عندما يتعلق الأمر بالمرأة ذات الاحتياجات الخصوصية وبالمرأة في الوسط الريفي على الرغم من البرامج المتوجهة لها سواء للحد من الانقطاع المدرسي أو للتمكين الاجتماعي والاقتصادي.

:رؤية آفاق تونس 

في آفاق تونس، نحن مدركون لأهمية الحفاظ على مكتسبات المرأة التونسية والعمل على المزيد من دعم هاته المكتسبات

وانطلاقا من ايماننا بأنه على الدولة ضمان نفس الحقوق والحريات للتونسيات والتونسيين، يحرص آفاق تونس على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كل الممارسات التمييزية ضد المرأة والاستمرار في التمكين الاجتماعي والاقتصادي لرفع مستوى مشاركتها في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية. وتشمل هذه التدابير مختلف الجهات من خلال العمل على تحقيق الظروف الضرورية لتحسين وضعية الأشد حرمانا وتوفير الحماية اللازمة لهن.

كما ينبغي تعزيز دور المرأة في المجتمع وفي توفير مقومات الحياة الكريمة وتحقيق الرفاه الاجتماعي وضمان المشاركة الكاملة والمنصفة في مختلف المجالات، كضمان الاستفادة المتساوية من نتائج وثمار هذه المشاركة.

10 برامج رئيسية: 

1. التعجيل بإصلاح وإعادة صياغة للقوانين من أجل إلغاء أو تعديل النصوص القانونية التي تتعارض مع الأحكام الدستورية ثم اعتماد قواعد قانونية جديدة تتوافق مع الدستور لضمان احترامه لتحقيق المساواة الفعلية بين الجنسين ولإحداث التغييرات الهيكلية والاجتماعية والثقافية لتصحيح الآثار الماضية والراهنة في التمييز ضد المرأة، والمراجعة الدورية للتشريعات لضمان استجابتها لمستجدات الحياة من جهة والتزام الدولة في المواثيق الدولية من جهة ثانية

2. توفير منظومة شاملة لتحسين ظروف حياة ونقل وعمل العاملين في الوسط الريفي وتيسير الانخراط في منظومة الضمان الاجتماعي وضمان الحصول على خدمات رعاية صحية مناسبة من ذلك التنسيق مع الوزارات المعنية لإرساء قاعدة بيانات وخارطة للمشاريع الفلاحية وتكثيف الرقابة حول تطبيق أصحاب المشاريع الفلاحية للقانون المتعلق سواء بالتغطية الاجتماعية أو بظروف نقل وعمل ومستوى تأجير العمال بالقطاع الفلاحي عموما. كما يجب، في هذا الإطار، إعداد كراس شروط بالنقل الفلاحي، وتشجيع مشاريع النقل الريفي، واسناد رخص سياقة خاصة، والعمل على تحسين البنية التحتية بالوسط الريفي.

3.  إذكاء روح المبادرة والاستثمار لدى النساء ومواصلة تشجيع المبادرة الفردية وضمان تكافؤ الفرص في المجال الاقتصادي وتطوير البيئة التمكينية الحاضنة الموجهة لصاحبات المشاريع الصغرى لتحويلها إلى مشاريع مؤسسية رائدة وتشجيع صاحبات المشاريع في إطار برامج التمكين على التجمع في شركات وتعاونيات، وتشجيع مؤسسات التمويل على تمويل مشاريع تمكين اقتصادي واجتماعي في شكل شركات وتعاونيات، بالإضافة إلى المشاريع الفردية وانشاء قرى حرفية وفضاءات عروض دائمة بالجهات لعرض منتوجات الابتكار

4. تحسين خدمات الرعاية الصحية للمرأة بما يعزز صحتها الجسدية والنفسية والتأكيد من جديد على ضرورة حصول المرأة أينما كانت على الخدمات الأساسية للصحة الإنجابية لاسيما في الجهات من ذلك التأكيد على حقوقها الأساسية الثابتة وغير القابلة للتصرف والتحسيس حول أهمية هاته الحقوق وحول سبل التشكي والتقاضي في صورة الامتناع عن تقديم الخدمات

5. نشر الوعي القانوني وتوفير الارشاد والخدمات الاستشارية الداعمة للمرأة وتبســـيط إجـــراءات وصـــول المـــرأة إلـــى الخدمـــات الإدارية والبنكية والقضائيـــة وضرورة تسليط الضوء على جميع الخدمات المقدمة لفائدة  المرأة وكيفية الانتفاع بها وتبسيط إجراءات الانتفاع وتقريبها منها أينما كانت، لاسيما من خلال انشاء دار الخدمات الاجتماعية بكل بلدية لإضفاء النجاعة على عمل مؤسسات  الدولة (تعميم نشر أرقام النداء، التحسيس حول وجود مراكز الايواء والعمل على انشاء المزيد منها، التخفيف من إجراءات صندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق وفصله عن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تشجيع الاتصال بالموفق العائلي، إجراءات الانتفاع بالامتيازات …)

6. تركيز اعتماد التخطيط المستجيب للنوع الاجتماعي عند إعداد ميزانية الحكومة ، لتجسيد احتياجات مختلف الفئات الاجتماعية خلال جميع مراحل وضع السياسات العمومية، بما في ذلك أثناء التخطيط لإعداد الميزانية، والتنفيذ، والمتابعة، والتقييم، بالإضافة إلى تقييم أثر النوع الاجتماعي من خلال آليات فحص المقترحات الخاصة بالسياسات العامة للدولة التونسية للتأكد من مدى تأثيرها على مكتسبات وحقوق الأشخاص، والحرص على تعزيـــز قـــدرة المؤسســـات الحكومية والخاصـــة في اعتماد سياســـات وتشـــريعات وميزانيات مراعية لمنظور النـــوع الاجتماعي.

7. العمل على التقليص من نسبة بطالة حاملات الشهائد العليا وذلك أولا من خلال إحداث تغيير ملموس في نموذج النمو الاقتصادي، ثم من خلال خلق حلقة تواصل بين الجامعة وأصحاب المؤسسات لملائمة العرض والطلب ودعم الاستثمار لا سيما في الجهات. كما يتجه العمل على تكثيف برامج التكوين وتنمية المؤهّلات الموجهة للشابات لتحسين تشغيليتهم وتوجيههم إلى مهن المستقبل والشعب الأكثر تشغيلية سواء من خلال التكوين المهني أو الدراسة الجامعية أو التدريب بعد التخرج بما ييسر إدماجهم في سوق الشّغل كالتزام الدولة بفرض الرقابة على مؤسسات القطاع الخاص ومدى احترامها لعقود التشغيل وضمان الحقوق المهنية للشباب والشابات لخلق الديناميكية في سوق الشغل

8.ملاءمة البنية التحتية لاحتياجات المرأة العاملة المرتبطة بالأمومة، من ذلك يعنى آفاق تونس بضرورة تشجيع مشاريع حضانات ورياض أطفال المرخص لها للانتصاب في كل الجهات وفقا للاحتياجات الديموغرافية، تقنين إلزامية توفير حضانات في مقرات العمل أو حضانات متعاقدة للمؤسسات التي تشغل أكثر من 100 أجيرا، ضرورة الحرص على توفير المواصلات، مع ملاءمة ساعات العمل لدعم الإنتاجية وتفادي الغيابات والانقطاع عن العمل مباشرة بعد الزواج أو الولادة.

9. مكافحة الأمية والأمية الرقمية تجاه المرأة على وجه الخصوص، إذ أنه وحسب الاحصائيات الأخيرة ما يقرب من 30 ٪ من النساء من الذين تزيد أعمارهن عن 10 سنوات هن من الأميات، مما يؤثر سلبا على وضعهن الاجتماعي، وكيفيّة الاندماج والتفاعل مع المحيط كما تؤثر على مصادر الدخل وتقلل من وعي الأفراد بحقوقهم وواجباتهم. إذ أنه لابد أن تتضافر جهود المجتمع ككل بجميع مؤسساته الحكومية وغير الحكومية لمكافحة الأمية والأمية الرقمية ومكافحة الانقطاع المدرسي الذي يرتفع من سنة إلى أخرى وبلغ 526 ألفا خلال الخمس سنوات الأخيرة من ذلك يقترح آفاق تونس استغلال مراكز الفتاة الريفية والفضاءات متعددة الاختصاصات لتقديم دروس محو الأمية والأمية الرقمية وإعادة تفعيل برامج تعليم الكبار باعتماد مناهج تعليمية عصرية وباستعمال محامل رقمية

10. رفع مستوى مشاركة المرأة كماً ونوعاً في مختلف المجالات ونسبة تمثيلها في مواقع السلطة وصنع القرار من خلال آليات التمييز الإيجابي بما يعزز صورة المرأة التونسية على كافة الأصعدة، وذلك من خلال تفعيل مشاركة المرأة في عمليات صنع واتخاذ القرار وتطوير الآليات المناسبة لبناء قدرات المرأة وصقل مهاراتها في هذا المجال، وتبني مؤشرات عالمية لقياس التقدم المحرز في مجال تمكين المرأة ودمجها ضمن مؤشرات تقييم أداء المؤسسات وضمان تكافؤ الفرص في المشاريع العامة والخاصة من خلال تطوير البيئة التمكينية الحاضنة لمشاريع المرأة، كمواصلة سياسة تقليص الفوارق المهنية سواء في الوظيفة العمومية أو في القطاع الخاص وفتح المجال أمام التقدم الوظيفي للمرأة ووصولها إلى مراكز القرار وتكثيف الرقابة للتثبت من مدى تطبيق أحكام المساواة موضوع قانون الشغل وقانون مناهضة العنف داخل المؤسسات